أه من الدنيا ومن قدر على الدنيا حكم
البغض شيئ مؤلم والحب شيئ كالألم
إن ساعة من ساعات هذا الضعف الإنساني الذي نسميه ( الحب ) تنشيئ تاريخا طويلا من العذاب إن لم تكن ألامه هي لذاته بعينها فهي أسباب لذاته , ومن ثم يشتبه الأمر على المحبين إذا استفزتهم فورة الغضب ممن أحبوا , فلا تجد في البغضاء عندهم أبغض من طريقة إظهارها حتى إن نيران قلوبهم لتخلق منها الشياطين .
ألا كم في هذا الحب من العجائب المتناقضة حتى إن فضيلة الصبر في العاشق هي نفسها رذيلة الضعف فيه , كلما طال صبره طال غضبه , وتراه يبغض بأقوى ما في نفسه فلا يكون ذلك إلا إخفاء لأضعف ما في قلبه , وإذا ترامى في أطراف الأرض لينأى عن حبيبه رأيته من أي عطفيه التفت , لا يجد إلا خيال حبيبه , ومهما انطرح قلبه في مطارح السلوان فلن يكون إلا كعقرب الساعة تعمل كل قواها في إبعاده عن ( الثانية عشرة ) ليرجع دائما بنفس هذه القوى إلى ( الثانية عشرة ) نفسها .
العاشق هو وحده المخلوق الغريب الذي ترى الأحلام في عينيه وهو يقظان يعقل ويعي . فليست الحبيبة في عينه امرأة كغيرها من الناس , وإنما تخرجها ( يقصد عينه ) له جملة من الصفات الغريبة التي فيها لتقابل جملة أخرى من الصفات الغريبة التي فيه , ومتى كان الأمر غريبا نادرا من طرفيه في النظر والاعتقاد لم يبق فيه موضع يمكن الحكم عليه بأنه من الأشياء المألوفة التي جرت بها العادة . وتلك هي معضلة الحب التي جعلت من بعض النساء الضعيفات هزلا أروع من الجد ومن بعض الرجال الأقوياء جدا أسخف من الهزل . معضلة لا تحل أبدا ما مادامت بين الحبيب ومحبه إذ لا تجئ ولا تكون ولا تستمر إلا كما تجيئ وتكون وتستمر , وإنما مثلها كذلك الإنعكاس الذي لا يستوي له بحال من الأحوال أن يظهر الكتابة على المرآة إلا مقلوبة أبدا .
كل معنى انساني في الحبيب يكون دائما وراءه معنى غير انساني في وهم المحب , فالمعشوق مجتمع من إنسانيتين متباينتين وهذا هو كل السر في انفراده عند من يهواه ما دام يهواه .
ليس ببعيد أن تكون هذه القلوب الإنسانية ينظر بعضها في بعض أحيانا على شعاع الروح كما يتراءى الوجه للوجه في سراج العين , ومن ثم يكون اختلاف كل عاشق مع الناس أجمعين في تقدير الجمال الذي يعشقه واعتباره إذ لا يقدر بعينه ولا بعقله ولكن بقلبه .
من الحب رحمة مهداة , فإذا كنت مع الله كانت كل أفكارك صورا روحانية , فأنت كالملك : هو في الأرض ما هو في السماء .
ومن الحب نقمة مسلطة , فإذا كنت مع الشياطين كانت كل أفكارك صورا حيوانية , فأنت كهذا المتجهم الطياش (القبيح الوجه ) الذي لو نظر في كل مرائي الدنيا ( جمع مرآة ) ما رأى في جميعها غير وجه القرد , لأنه القرد ....
والناس في هذا الحب أصناف :
فواحد يجاهد زلات قد وقعت , وهو المحب الآثم
وأخر يجاهد شهوات تهم أن تقع , وهو المحب الممتحن
وثالث أمن هذه وهذه وإنما يجاهد خطرات الفكر , وهو المحب ليحب فقط
ورابع كالقرابة والصديق
عجز الناس أن يجدوا في لغاتهم لفظا يلبس هذه العاطفة فيهم فألحقوها بأدنى الأشياء إليها في هذا المعنى , وهو الحب .
ألا كم في هذا الحب من العجائب المتناقضة حتى إن فضيلة الصبر في العاشق هي نفسها رذيلة الضعف فيه , كلما طال صبره طال غضبه , وتراه يبغض بأقوى ما في نفسه فلا يكون ذلك إلا إخفاء لأضعف ما في قلبه ,
ردحذف..................
لما حكيتلي انو رائع ومميز معلقتش
بس دلوقتي استوعبت