الأربعاء، 6 يوليو 2011

علي و Einy واللقاء الأخير

الحلقة الثالثة

ربي إني مسنيَ الشيطانُ بنُصبٍ وعذاب
اللهمَّ إني لا أعلم ما يحدث لي  
هل أنا في عالم الواقع ؟!
هل أنا أحلم ؟!
هل .............

وقبل أن ينهي ( علي ) هذا التضرع بين يدي ربه , تجمدت الدماء في عروقه , لقد سمع صوتا مألوفا يبدو أنه يصدر من جهاز الحاسب الشخصي له

التفت سريعًا متوجهًا إلى مصدر الصوت فإذا ب ( آيني ) أمامه
 
لاحظ أن ضوءًا ما يخرج من الكاميرا الخاصة بالجهاز , ضوء يميل إلى اللون الأزرق يسقط آشعة ما على الحائط , عندما ترى المشهد تتذكر على الفور أجهزة (projectors) الضوئية
 
توجه إلى ( أينشتاين ) بالسؤال على الفور

- ما الذي يحدث , أخبرني هل أنت شيطان ؟!  وما هذه الطريقة الجديدة ؟!

- شيطان ؟ أعوذ بالرب من الشيطان ,  و التجديد شيء جميل , كما أن التدرج شيء رائع , ومن يدري لعله يأتي اليوم الذي أصافحك فيه هههههههه

- رب ؟ أي ربٍ يا هذا ؟ هل تؤمن بالرب ؟

- مهلا يا ( علي ) وهل يستطيع المرء منا أن يعيش بدون الإيمان ؟
انظر إلي حالك  , أنت فاقدٌ لجميع وسائل الحياة , أنت ميتٌ يا ( علي ) إلا أنه يسري في عروقك بعض الأشياء التي تبقيك حيًا
انظر حولك , قطة , وبعض الكتب ومن بينها كتابك المقدس , وجهازك الشخصي
أفِق يا ( علي )

- ماذا تقصد ؟!  يبدو أنك شيطانٌ حقًا , ويبدو أنني أعاني من المس

- هههههههههههههههههه , يالك من أحمق !!
 أخبرني , ماهي أول رواية قرأتَها في حياتك ؟

- وما علاقة ذلك بما كنا بصدده ؟ ليس هذا شأنك أساسًا

- أووووه  , لقد أرهقتني يا ( علي ) , أنت تجادلني بأشد ما كان عليه الجدال بيني وبين
 ( نيلي )

- من نيلي هذا ؟

- ( نيلي ) , إنه عدوي اللدود , وصديقي الحميم ( نيلز بور -  Niels Bohr )
المهم الآن , أخبرني , ما هي تلك الرواية ؟ ماذا كان اسمها ؟

- ولماذا لم تسألني عن آخر الروايات التي قرأتها , لماذا الأولى بالذات ؟

- لأن الأمر ببساطة يكمن غالبًا في البدايات , الآن أخبرني

- أظنها كانت ( الجبل الخامس )

- أها , ( باولو كويلو ) , ذلك القديس المؤمن , حسنًا إذن , ماذا قرأت في أول صفحة منها

- كان يتحدث عن روايته السابقة لهذه الرواية , ( الخيميائي - الكيميائي )

- أوك , الآن أنصحك أن تعيد قراءة هذه الصفحة مرة آخرى , حتما ستجد الرسالة التي كانت موجهة لك  , تذكر دائما قيمة البدايات  

ربما لا ينتبه الكثير منا إلى ذلك , لا بأس , فالرسائل لا تموت , وما عليك إلا أن تستعيد شريط الأحداث , الرسائل القديمة لا تموت أبدا يا ( علي )

سأعطيك مثالا للرسائل التي ساقها القدر إليَّ ,  ولكن أجبني أولاً على هذا السؤال

- تفضل , اسأل كما يحلو لك يا ( بروف )

- جميلة كلمة ( بروف ) , ولكن عاهدني أولا أنك لن تضحك  , أنا لا أريدك أن تضحك اتفقنا ؟

- اتفقنا , هذا أمر يسير جدا على مثلي
 
- أخبرني متى كانت أول مرة تمس يدك امرأة ؟

أنا أعرف أنك متدين , وسلفي وربما ينعتك بعض الناس بالإرهابي  ههههههههه

لذلك سأكرر عليك السؤال ولكن بطريقةٍ أخرى  

ها ,  متى كانت أول مرة تمس يدك امرأة تحل لك ؟

- لا , لن أخبرك إلا بعد أن تروي عليَّ أنت أولا

- تراجعت ؟ حسنًا , اتفقنا

- هل كان الأمر متعلقًا بالنساء يا ( بروف ) ؟

-نعم , وماذا غير النساء يا بنيَّ ؟!   

خلاصة الأمر أنني كنت أعبر الطريق في يومٍ من الأيام  , التفتُّ جانبًا فإذا بي أنظر إلى أجمل فتاةٍ رأيتها في الكون ,  شابة  , غاية في الجمال يا ( علي )

- وماذا حدث ؟

- لا شيء , تظاهرت أنني أساعدها في عبور الطريق , حتى لا تتأذي فالسيارات كانت تسير بسرعة جنونية , على الأقل بالنسبة لي :)

- وماذا فعلتَ ؟

- حاولتُ جاهدًا أن أضعَ كفي الأيمن على ظهرها من أعلى , وقفت على أطراف  أصابعي  , وبعد محاولاتٍ فاشلة , نجحتُ في المهمة وساعدتها في العبور :)

- وماذا فعلتْ هي ؟

-  نظَرَتْ إليَّ نظرةً لن أنساها ما حييت , وابتسمَتْ 

ثم مسَحَتْ بيدها على شعري  وقالت ( ولد طيب ) ( good boy ), مما أصابني بالإحباط , كدتُ أخرِج لساني من فمي وألهث متقمصًا دور الكلب المطيع
 
وتذكرت على الفور أني مازلت طفلاً لم أكمل عامي العاشر هههههههههههه

- ولكن أنا لم أفهم , أين الرسالة التي ظننت أن القدر على حد تعبيرك قد بعثها إليك ؟

- الرسالة هي : " لن تجد ما تبحث عنه في المكان الذي تتوقع أن تجده فيه غالباً " هههههههههههههههههههههههه

- ههههههههههههههههههه , على فكرة يا ( بروف ) , إنت أخلاقك مش تمام  , وفأري كمان

- لم أفهم , ولكني لاحظت أنك قلت أنني " فأري" , لا يا ( علي )  أنا من سلالة البشر مثلك تمامًا , هل أبدو لك حقًا كالفأر ؟!

يبدو أنك ستعلمني العامية المصرية قريبًا

- كل شيء جايز , ولكن هل تعلم يا ( بروف )  لقد صدقت   

ليس من الضروري أن تجد الأشياء في الأماكن التي جرت العادة أن تتواجد فيها , فإن وجدتها هنالك , فاعلم أنك لست مميزًا , أو أنها ليست بالأهمية التي كنت تتوقع

- الآن يا ( علي )  , جاء دورُك , أخبرني عن المرة الآولى

- نفس الموقف تمامًا  , إلا أنني كنت شاباً , والفتاة الجميلة كانت زوجتي

- زوجتك ؟!
ولماذا تتكلف في أن تلمسها مادامت زوجتك ؟ هل هناك ما يمنع من ذلك في دينك ؟ أنا قرأتُ جيدًا عن عقيدتك ولكني لم أنتبه إلى ذلك

- لا لا , انتظر يا ( بروف ) , لقد كانت زوجتي حقاً ولكننا كنا مازلنا في فترة العقد , تستطيع أن تقول فترة الخطوية حتى أقرب لك الأمر

- أها , الآن فهمت , ولكن هل وجدتَ أنتَ ضالتك

-  هههههههههههههههههه , نعم

-  أخيرًا سمعت صوت ضحكتك أيها المتجهم ؟!
 الآن أنت لم توفِّ بوعدك , لقد ضحكتَ , لا يهم ,  أخبرني , أين الرسالة ؟

- معقولة ؟ ألم تفهم ,  لقد تعلمتُ من هذا الموقف أن " المعضلات والمشاكل ليست دائمًا بالسوء التي تظهر عليه "   :))

- الآن فهمتك , ألم أخبرك من قبل أنني أرى المستقبل في عينيك يا ( علي )  
عيناك تقول شيئًا ما , لست شخصًا عادياً   
هل علمتَ الآن لماذا أتيتُ إليك أنتَ بالخصوص

- لعلها رسالة من ضمن الرسائل ؟!

- نعم , وقد تكون من أهمها , بعد الرسالة الأولى بالطبع , هل كنت تحبها ؟

- نعم , ومازلت

- وماذا تعني كلمة الحب بالنسبة لكم أيها المتدينون ؟
أقصد ماذا كان يخطر في بالك كلما نظرت إليها ؟

- عندما كنت أنظر في عينيها , أشعر أن الله قد بعث لي ملاكاً من السماء , لا يستطيع أن يراه أحدٌ على الأرض إلا أنا وحدي وهي لا ترى سواي , لأنها ببساطة ملاكي أنا , تمامًا كما أخبرتني من قبل بشأن الحصرية

كانت ملاكي الحصري يا ( آيني )

وبدأت عينا علي تمتلئ بالدموع , إلا أنه حبسها

- آهٍ يا ( علي )  , كلمة " كانت " , تفعل بي الأفاعيل , لا أحب هذه الكلمة أبداً
اعتدت دائماً أن أقهر الزمن , إلا أنها تؤلمني  

أنا أعلم أنك تجتهد ألا تبكي , ولكني أنصحك أن تفعل
 
ابكِ  , فالحرية الحقيقية بالنسبة للرجل تكمن في أن يضحكَ وقتما يشاء وأن يبكي كيفما يريد , ولا ضير  أن يصرخ , هل تريد أن تصرخ بأعلى صوتك يا بنيّ ؟!

- نعم , ولكن هل يستقيم ذلك مع الرجولة ؟

- بالطبع ,  لقد ضحكنا كثيرا  , فلا تستحي أن تبكي ولو قليلا , هيا يا بني

الآن أخبرني ماذا قال لك الطبيب في الزيارة السابقة

- من أدراك بشأن الطبيب ؟ هل تراقبني ؟

- لا , أبداً , ولكنني أحاول أن أساعدك على البكاء

انتبه يا بني , الزمن هو الحياة  

أنا رجلٌ طاعنٌ في السن , وأنت كما يعلم كلانا أنك لست في أحسن حال , إذن فالزمن هو الحياة بالنسبة لكلينا , هل بدأت تفهم الآن ؟

- نعم , نفس المصير

- أها , الآن أخبرني , ماهو أكثر شيء تريده أن يحدث قبل أن تتوقف عقارب الساعة ؟

- سأخبرك , أنت بالتأكيد تعلم أنني لا أنام أبدا , أليس كذلك ؟

- بلى , بالطبع , ولكن هذا لا يضر فكثير من العباقرة كانوا يعانون من مثل هذه الأشياء
( دوستوفيسكي ) قضى عليه الصرع
و ( جون ناش ) كان يعاني من مرض ( التوحد وانفصام  الشخصية )
كما أن أديبك العربيّ المفضل أصابه الصمم وهو في مثل سنِك

فقد تكون الحالة التي أنت عليها تدخل في جملة العلامات والرسائل

ولكن ما علاقة ذلك بعقارب الساعة ؟

- أنا على يقين بأن عقارب الساعة ستتوقف وأنا أنظر إليها بعينيّ هاتين , وأرجو من الله أن يبعث ملاكي الحصري في الوقت المناسب حتى يغمض لي عينىي , هذا كل ما أريده

ثم بدأت دمعتان في الهطول من عينيه دون أن يتحرك جفناه ,  ثم تحركتا برفق على وجنتيه حتى لامستا شعر لحيته ثم سقطتا على الأرض
 
يا له من مسكين , يمكث بالساعات وحيدًا ينظر إلى عقارب الساعة , حتى تحجرت عيناه تماما

لدرجة أنه لم يعد يستطيع أن ينظر في اتجاه معين إلا أن يلتفت برأسه , شيء مزعج

- الآن يا ( بروف ) , أخبرني عن الزمن , وعن المصير الواحد

- سأخبرك سريعًا لأن الوقت قد اقترب على الإنتهاء , انظر إلي الصورة التي ستظهر لك  , أريدك أن  تفهم  المعنى الصحيح لمفهوم الزمن ,  فهذه مشكلتك الحقيقية

 حاول أن تجمع أكبر قدر من المعلومات , وقت العمل سيبدأ قريبا

وفاجأة انطفأ الضوء المنبعث من ( الكاميرا )

- ولكن أين الصورة ؟! ( كذلك تساءل علي بينه وبين نفسه )

ثم سرعان ما وصله الرد , لقد وجد صورة لـ ( أينشتاين )  وقد طبعت على الحائط حيثما كانت تدور الأحداث السابقة
 
ووجد هذه العبارة مكتوبة على الصورة ( الوقت هو الحياة )
 
ثم نظر مرة آخرى وبطريقة لا إرادية إلى الجهاز حيث توجد نافذة ( اليوتيوب )  

وكالعادة ظهرَت هذه العبارة


To be continued

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق