الخميس، 2 ديسمبر 2010

العظماء الخمسة....

العظماء الخمسة والعصر الذهبي الثاني للمسلمين

في كتابه الرائع ( رسالة في الطريق إلى ثقافتنا ) بسط الأستاذ الأديب الشيخ محمود

شاكر رحمه الله منهجه في الوصول إلى ثقافة تكون أساسا لقيام حضارة إسلامية 

عربية أو بالأحري بعث هذه الحضارة من جديد , وبين رحمه الله أن ذلك المنهج له

شطران أو مرحلتان :
1-    مرحلة المادة : أسماها ( مرحلة ما قبل المنهج ) وهي عبارة عن جمع المادة 

اللتي تتعلق بالفن أو العلم موضوع البحث من مظانها على وجه الإستيعاب المتيسر 

والإطلاع السريع , ومن ثم تصنيف هذا المجموع وتنقيته واختيار الحسن منه والنافع.
 
2-    مرحلة تطبيق المنهج : إعمال التذوق في كل فن من الفنون وعلم من العلوم .

وذكر رحمه الله أن أي باحث يخوض مرحلة المادة والتطبيق يتأثر في كلا 

المرحلتين بعوامل أهمها اللغة التى يتحدثها , والثقافة التي نشأ فيها , وأهوائه 

الشخصية .

ثم انتقل بعد ذلك إلى أمثلة من التاريخ الإسلامي في عصر النهضة كان لهم التأثير البالغ 

في نهوض هذه الأمة من الرقاد الذي كان متمكنا منها . وأسماهم العظماء الخمسة . كل 

منهم برع في فن من الفنون أو علم من العلوم . منهم الفقيه واللغوي والأديب ومنهم من 

جمع بين علوم الدين والعلوم الإنسانية ومنهم من أخذ على عاتقه تصحيح ما فسد من 

عقائد معاصريه .

1-    عبد القادر بن عمر ( البغدادي ) صاحب " خزانة الأدب ":
- هو محمد بن عمر بن بايزيد بن الحاج أحمد البغدادي.

- ولد عام  1620م. في بغداد وكانت وقتئذ محل نزاع بين الدولة الصفوية

بقيادة عباس الصفوي والدولة العثمانية.

- أفاد من لغة الفرس والترك إلى جانب اللغة العربية.

- هب فألف ما ألف ليرد على الأمة قدرتها على التذوق , تذوق اللغة والشعر 

والأدب وعلوم العربية .

من مؤلفاته :
  •   خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب .
  •  شرح شواهد الشافية للرضى والجاربردي .
  •  شر ح مقصورة بن دريد .
وغير ذلك وأشهرها على الإطلاق هو الخزانة .
2-    حسن بن إبرهيم الجبرتي العقيلي ( الجبرتي الكبير ) :
- كان فقيها حنفيا كبيرا نابها , عالما باللغة , وعلم الكلام , وتصدر إماما مفتيا 

وهو في الرابعة والثلاثين من عمره , ولكنه وفي عام 1731 م . ولى وجهه 

شطر " العلوم " التي كانت تراثا مستغلقا  على أهل زمانه , فجمع كتبها من كل 

مكان , وحرص على لقاء من يعلم سر ألفاظها ورموزها , وقضى في ذلك 

عشر سنوات , حتى ملك ناصية الرموز كلها , في الهندسة والكيمياء والفلك 

والصنائع الحضارية كلها , حتى النجارة والخراطة والحدادة والسمكرة والتجليد 

والنقش والموازين , وصار بيته زاخرا بكل أداة في صناعة وكل آلة , وصار 

إماما عالما أيضا في أكثر الصناعات , لجأ إليه مهرة الصناع في كل صناعة 

يستفيدون من علمه , ومارس كل ذلك بنفسه , وعلم وأفاد , حتى علم خدمه في 

بيته .

- ويقول ابنه ( أو حفيده ) عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ المشهور :

" وحضر إليه طلاب من الإفرنج , وقرأوا عليه علم الهندسة , وذلك في سنة 

تسع وخمسين  وأهدوا إليه من صنائعهم وآلاتهم أشياء نفيسة , وذهبوا إلى 

بلادهم ونشروا بها العلم من ذلك الوقت وأخرجوه من القوة إلى الفعل , 

واستخرجوا به الصنائع البديعة مثل طواحين الهواء , وجر الأثقال , واستنباط 

المياه , وغير ذلك ." ....انتهي كلامه رحمه الله .

وسأتحدث عن ذلك الرجل بكثير من التفصيل في مقالات قادمة إن شاء الله 

وسنشرح كيف كان من المفترض أن يكون رحمه الله الخيط الواصل بين 

عصر" بيت الحكمة " إلى " عصر النهضة " وكيف تخلفنا بين العصرين وكيف 

أخذ زمام الأمور علماء آخرون أمثال " السير إسحق نيوتن " وغيره إلى عصر 

" أينشتين " وفكرته الكبرى " نظرية النسبية الخاصة والعامة " .

لاحظ جيدا ان هناك فجوة زمنية ما بين نهاية العصر الذهبي للمسلمين (أوائل


القرن الخامس عشر الميلادي ) وبين عصر النهضة الأخير( منتصف القرن 

السابع عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر )


وخلال هذه الفجوة قام الغرب فنهلوا وانتفعوا من خيرات سابقيهم ودفنوا فضائل 

معاصريهم وتمكنوا من رقاب من جاءوا بعدهم حتى عصرنا هذا .

3-    محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي ( الشيخ محمد بن عبد الوهاب ) :
- ولد رحمه الله في العيينة بالقرب من العاصمة الحالية الرياض ونشأ نشأة 

علمية, فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق معرفته .


- رحل في طلب العلم إلى مكة والمدينة والبصرة ثم عاد بعد ذلك إلى نجد 

يدعو الناس إلى التوحيد , فقد هب يكافح البدع والعقائد التي تخالف ما 

كان عليه سلف الأمة من صفاء عقيدة التوحيد , وهي ركن الإسلام الأكبر.

- لم يقنع بتأليف الكتب , بل نزل إلى عامة الناس في بلاد جزيرة العرب , 

وأحدث رجة هائلة في قلب دار الإسلام .
4-    محمد بن عبد الرزاق الحسيني ( المرتضى الزبيدي ) :
- هو السيد مرتضى الزبيدي بن محمد بن محمد بن محمد بن عبدالرزاق نتهي 

نسبه إلى الحسين بن علي رضي الله عنه .


- ولد رحمه الله في الهند ونشأ في ( زبيد ) باليمن , ثم رحل إلى الحجاز , 

وأقام بمصر وتوفى فيها عام 1790 م.


- من أجل وأشهرمؤلفاته ( تاج العروس من جواهر القاموس ) , وشرح كتاب

(إحياء علوم الدين ) للغزالي الإمام رحمه الله , وكان من تلاميذه الجبرتي 

الصغير صاحب التاريخ المشهور ( عجائب الآثار في التراجم والأخبار )

وليس الجبرتي الكبير .

 - هب رحمه الله يبعث التراث اللغوي والديني وعلوم العربية وعلوم الإسلام , 

ويحيي ما كاد يخفى على الناس بمؤلفاته ومجالسه .

5-    محمد بن علي الخولاني الزيدي ( الإمام الشوكاني ) :
- هو محمد بن علي بن محمد بن عبدالله بن الحسن الشوكاني , من كبار علماء


وفقهاء اليمن وولد في خولان .

- نشأ رحمه الله نشأة دينية طاهرة , اشتهر عنه عدم الإختلاط بالناس إلا في 

طلب العلم ونشره , ولاسيما الحكام .


- هب رحمه الله محييا عقيدة السلف , وحرم التقلييد في الدين , وحطم الفرقة 

والتنابذ الذي أدى إليه اختلاف الفرق بالعصبية .

- هو صاحب ( نيل الآوطار ) المشهور .

وهنا أحب أن أنوه من يقرأ سير هؤلاء لا تنشغل بأسمائهم وتراجمهم بقدر إنشغالك

بالتنوع الموجود في الفنون والعلوم التي برعوا فيها رحمهم الله , لأن ذلك قد يساعدنا 

الآن على وضع أركان أساسية تقوم عليها عملية التغيير وقيام أمة ذات حضارة .

1- عقيدة سليمة خالية من الشوائب.
2- لغة سليمة ولسان مستقيم . وهنا لا يقصد الإقتصار على لغتك العربية وفقط بل

من المهم اتقان أكثر من لغة إذا تيسر .

3- أدب راق ذو هوية . وهذا لا يمنع من الإطلاع على آداب الآخرين والنفع منها .
4- فقه بالأمور الشرعية أصولا وتطبيقا يستفاد منه حل المعضلات الشرعية
والنوازل التي قد تحدث في واقع الأمة.
5- إبداع في الأمور العلمية في مختلف المجالات , والتركيز على البحث العلمي ,
وسبل التطوير , والتركيز على قيمة العقل البشري في صنع الحضارة .

ومن الجدير بالتنويه هنا أن نقول أن قراءة التاريخ والتنبه إلى سنن الله عز وجل في 

الكون هي الدليل الذي يرشد الضال , ويلهم الحائر كيف يستشرف معالم مستقبله ومن ثم 

الإستعداد له , وسنن الله لا تتخلف ولا تتبدل , والتاريخ مثل عقارب الساعة ما إن تبدأ 

رحلة الإبتعاد عن الثانية عشرة سرعان ما تعود مرة أخرى إلى نفس الموضع .

استفدت في كتابة هذه المقاله من:
1. كتاب (رسالة في الطريق الي ثقافتنا)لأبي فهر رحمه الله 
2. جمهرة مقالات أبي فهر 
3. ويكيبيديا الموسوعه الحره
4. ترجمة البغدادي في مقدمة خزانة الادب
 محمود علي  في  2\12\2010

هناك تعليق واحد:

  1. أحلى ما في المقالِ خُلاصَته
    فقد جمعتَ لنا فيها زبدته
    ووجهتَ العقلَ للانتفاعِ منه برمتّه

    ثمّ بيَّنتَ انّ ما سبقَ يذهب هباء
    إذا كانت سنن الله في الكون عن العقلِ في انتِفاء
    وهذا لعمري قولً الحكماء
    فأسأل الله ان يحشُرَكَ مع الانبياء
    مع مَنْ يرجون الصلاحَ للامّة جمعاء

    فشَكَر الله لك وزادكَ منه عطاء

    .... ...

    ردحذف