البداية .....مشهد النهاية
ليس الغريب أن تبدأ أولي محاولاتي المتواضعة في الكتابة بمشهد النهاية لحدوتة ( المسحراتي ) – وهي محفورة بشكل كامل في ذهني – فدائما ما يتكرر ذلك مع كثيرين غيري ممن حاولوا الكتابة , ولا أعني بذلك الأدباء والمبدعين وفقط , ولكن كأي شخص عادي يحس برغبة ملحة بأن يكتب , فالكتابة هي فن الرسم بالكلمة , وتصوير المشاعر البشرية بسحر البيان
ولكن الغريب حقا أنني اكتشفت أن كتابات الإنسان هي بنات أفكاره التي لا يتحمل أبدا أن يقترب من حرمها أي بشر في الوجود , علي الرغم من سطحيتها وطريقتها الإرتجالية في البداية
والقصة ستقرأونها بشكل كامل لاحقا إن شاء الله
يدخل ( علي ) مقهي ( بلال ) الذي اعتاد أن يجلس فيه هو وصديقه ( أبو أحمد ) والذي قد سبق أت تعرف عليه من حكايات الشات علي الإنترنت , وما إن جلسا حتي أتي إليهما فتي المقهى وسأل ( علي) :
- 2 شاي بتوع كل مرة يا شيخ ؟
- أيوة . رد ( علي ) مبتسما ابتسامة لا تعبر عن سعادة . وفي داخله سؤال يلح عليه منذ فترة :
لماذا دائما ما يسألني أنا ذلك السؤال متجاهلا صديقي الذي أمامي؟؟ , لدرجة أنه لا ينظر إليه أصلا ؟؟؟
ولم يجد إجابة لهذا السؤال حتى اللحظة .
ثم بدأ هو وصديقة يتجاذبان أطراف الحديث كالعادة , وبعد فترة ليست بالقليلة كان قد فرغ من شرب كوب الشاي الخاص به
توقف ( علي ) عن الكلام فاجأة علي إثر نظرات الفتي الذي اكتشف أنه كان أمامه منذ فترة وكان يكلمه غير أنه كان منهمكا في الحوار مع صديقه وكأنها كانت أمسية الوداع
لم يلفت إنتباهه إلا سؤال الفتي :
- شيخ ............. إنت بتتكلم مع مين ؟
إنتبه إليه فإذا بالشاب مندهشا ومكررا سؤاله ثانية وقد لاحظ (علي ) هذه المرة أن جميع من كانوا في المقهي يرمقونه بنظراتهم ويعلو علي وجوههم نفس الدهشة التي ارتسمت علي ملامح الشاب
وما إن انتهي الفتي من سؤاله حتي ارتبك ( علي ) وبدأ يتصبب عرقا , ومن ثم وبطريقة لا إراديه وجه محمود يده اليمني إلي أذنه وما إن لامست يده أذنه حتي انتابته حالة أخري من الخجل والإرتباك , فهو لم يجد في أذنه جهاز ( البلو توث ) الذي اعتاد أن يزور المقهي مرتديا إياه حتي إن كل عمال المقهي ومرتاديه قد أطلقوا عليه إسم ( الشيخ أبو بلوتوث ) , ثم نظر تجاه المقعد الذي أمامه مباشرة وعندها امتلأت عيناه بالدموع من غيرأن تزور أي قطرة منها وجنتيه البارزتين كالمقبل علي الموت بإستسلام تام
فهو لم يتعود البكاء علانية... ثم انعقد لسانه عن الكلام وقام من فوره متجها خارج المقهى
لحقه الشاب بخطوات مسرعة ثم وبرفق وبأطراف أصبعه السبابة دق علي كتفه من الخلف , وعندها إلتفت إليه مادا إليه خمسة جنيهات وقد ابتلت لحيته من أثر البكاء
أخذ النقود بدون أي اهتمام ثم أردف قائلا :
- شيخ .......... إنت بتعيط ؟؟؟؟
- لم يجب
- طيب ممكن أسأل حضرتك سؤال ؟؟؟؟؟؟
- أومأ إليه ( علي ) ولسان حاله يقول : اتفضل
- إنت ليه كل مرة كنت بتطلب 2 شاي مع بعض وماتشربش غير واحد بس وتسيب التاني ؟
لم يجب ( علي ) إلا بنظرة من طرف خفي إلي كوب الشاي الملأن هناك علي المنضدة التي كانت يوما ما محببة إلي قلبه ومن ثم طأطأ رأسة ناظرا إلي الأرض ثم أكمل سيره إلي حيث لا يعلم
وفي طريقه إلي هذا المجهول إذ بصوت جميل يعرفه جيدا خالط سمعه , فالتفت إلتافة يملؤها الأمل والشوق والحنين فإذا بمسحراتي يقرع بقطعة من الجلد طبلته المتواضعة المرتخية وهو يردد ........
اصحى يا نايم
وحد الدايم
ثم تذكر أن هذا اليوم هوأول أيام العيد ........
وعندها فقط ........... ابتسم ابتسامته المعهودة و التي لم تخالط شفتيه منذ فترة , واكتشف أنه مازال يتنفس , وأن روحه مازالت في بدنه , وعاد يرى الدنيا بأسرها بألوانها الطبيعية بل أزهي وأجمل , وكأنه بعث من جديد من عالم الأموات
وشعر برغبة ملحة بداخله تدفعه إلي الإنطلاق والهرولة في اتجاهات مختلفة , وأحس بإرادة قوية إلى أن يمسك بكل إنسان يقابله ......... يمسكه بكلتا يديه ويهزه هزة قوية - كتلك التي يمسكها الأب الحاني لابنه يريد أن يحثه علي صنع شيئ ما فيه مصلحته - أراد أن يفعل ذلك كله وهو يردد :
إصحى يا نايم ...........إصحى يا نايم ............. إصحى يا نايم
محمود علي